المقالة لـ دكتورة بشرى ناصر
بدايةً فإن مرض السرطان هو عبارة عن خلايا شاذة تنقسم بطريقة سريعة لا يمكن السيطرة عليها ، تنتج هذه الخلايا بسبب تغيّرات أو طفرات في الحمض النووي داخل الخلايا .
في الحالة الطبيعية ، يتجمع الحمض النووي الموجود داخل الخلية في عدد كبير من الجينات الفردية، التي يحتوي كل منها على عدد من التعليمات التي تخبر الخلية بالوظائف التي يجب أن تقوم بها و منها كيفية نموها وانقسامها. ويمكن أن تؤدي التغييرات إلى أخطاء في هذه التعليمات منها توقف الخلية عن أداء وظيفتها الطبيعية ، وقد تسمح للخلية بأن تصبح سرطانية .
و بالحديث عن السرطان ، نخص بالذكر سرطان الثدي الذي يعتبر أشيع الأورام السرطانية وثاني سبب للوفيات السرطانية عند النساء .
حيث أن سيدة من بين كل 8 سيدات معرّضة للإصابة بسرطان الثدي ، و واحدة من بين أربع سيدات تكون بعمر أصغر من 50 عام .
و بسبب انتشاره الواسع ، و أهمية الكشف المُبكر عنه و الذي يرفع نسب الشفاء إلى 90% تم تخصيص شهر أكتوبر للتوعية بسرطان الثدي و ضرورة الفحص الذاتي و الطبي لدى النساء مُنذ عمر العشرين فما فوق .
و كجميع أنواع السرطانات ، فإن سرطان الثدي يتشكل من خلايا غير طبيعية تنمو بشكل غير مسيطر عليه ، هذه الخلايا قد تنتقل أيضاً إلى أماكن أخرى خارج الثدي ، و عندما تحدث هذه الإنتقالات يدعى السرطان عندها نقيلي .
و يبدأ سرطان الثدي عادةً في منطقة صغيرة و محدودة في الغدد التي تنتج الحليب ، ويدعى عندها سرطان فُصيصي ، أو في الأقنية التي تنقل الحليب إلى الحلمة
ويدعى سرطان قنوي ، و يُمكن أن ينمو إلى خارج الثدي و ينتشر عبر القنوات إلى أقرب عقدة لمفاوية أو عبر مجرى الدم إلى أعضاء أُخرى .
أما عن أعراض سرطان الثدي ، يُمكن أن نشملها بالتغيرات التالية :
▪️كتلة في الثدي أو تحت الإبط لا تتراجع بعد الدورة :
و تعتبر غالباً العرض الأول لسرطان الثدي ، تكون غالباً غير مؤلمة ، و تكون عادةً مرئية في الماموغرام قبل أن نشعر بها .
أما بالنسبة لفحص الماموغرام ، يجب القيام به سنوياً عند بلوغ سن ال 35 مع وجود إصابات عائلية بسرطان الثدي ، و عند سن ال 45 في حال عدم وجود قصة عائلية للإصابة .
و عن طُرق الكشف و التشخيص الأُخرى لدينا الإيكو و الرنين المغناطيسي و الخزعة ، و من أجل الخزعة يقوم الطبيب باستئصال أنسجة من الثدي والتي تظهر تحت المجهر وتبين إن كان لدينا خلايا سرطانية وما هو نوعها .
أما عوامل الخطر للإصابة بسرطان الثدي فيمكن تقسيمها إلى عوامل لا يمكن التحكم بها ، و عوامل يمكن السيطرة عليها و نبدأ بالأولى :
1 - العمر : النساء بأعمار أكبر من 50 سنة أكثر احتمالية لسرطان الثدي من النساء الأصغر .
2- كثافة الثدي : إذا كانت بنية نسيج الثدي تحوي نسيج ضام كثيف أكثر من النسيج الشحمي ، يُمكن أن يكون من الصعب كشف الورم بواسطة الماموغرام .
3- القصة العائلية : إذا كان أحد أقاربكِ من الدرجة الأولى ( أمكِ - أختكِ - ابنتكِ ) لديهنَّ سرطان ثدي ، فأنتِ أكثر احتمالاً بضعفين للإصابة .
و الخطر قد يزداد أيضاً إذا كان أبوكِ أو أخوكِ لديهم سرطان ثدي ( سرطان الثدي يصيب الرجال أيضاً )
4- الجينات الوراثية : الطفرات في الجينات الوراثية BRCA 1 _ BRCA 2 مسؤولة عن سرطان الثدي في بعض العائلات .
5- الدورة الشهرية : احتمال سرطان الثدي يرتفع إذا كانت
دورتكِ قد بدأت قبل عمر 12 سنة ، دورتكِ لم تتوقف حتى عمر 55 سنة .
أما عوامل الخطورة التي يمكن التحكم بها فهي :
1- النشاط الفيزيائي : كلما قلت حركتكِ كلما زاد احتمال الإصابة .
2- الوزن والحمية : زيادة وزنكِ بعد سن اليأس يزيد. احتمال الإصابة .
3- الكحول : شرب الكحول المنظم وخاصة أكثر من مرة باليوم يزيد خطر سرطان الثدي .
4- تناول الهرمونات : فرصكِ للإصابة بسرطان الثدي تزداد إذا كنت تستخدمين المعالجة المعيضة بالهرمونات والتي تشمل الاستروجين والبروجسترون بعد سن اليأس لأكثر من 5 سنوات ( هذه الزيادة في احتمال الإصابة بسرطان الثدي تعود للطبيعي بعد 5 سنوات من إيقاف المعالجة )
وبعد كل ذلك ، للأسف فإن 75% من النساء اللواتي يطورن سرطان الثدي لا يملكنَ عوامل خطر معروفة !
و في حال الإصابة و تشخيصها ، فإن المعالجة تبدأ خلال أسابيع قليلة ، و يعتمد نوع المعالجة على القياس وموقع الورم في الثدي ونتائج التحاليل المخبرية على الخلايا السرطانية والمرحلة و امتداد الورم .
و بالطبع يأخذ بعين الاعتبار عمر المريضة ، حالتها الصحية العامة ، و مشاعرها و رغبتها في العلاج .
و معالجة سرطان الثدي قد تشمل التالي :
▪️الجراحة المحافظة على الثدي : نستأصل جزء الثدي الذي يوجد فيه الورم مع بعض النسيج الطبيعي المحيط .
▪️استئصال الثدي : نستأصل كامل الثدي و أحياناً النسج القريبة .
▪️المعالجة الشعاعية : تعتمد على نوع الجراحة و الإنتقالات وقياس الورم وأحياناً العمر .
▪️المعالجة الكيماوية : قد يتم إعطاء الأدوية كأقراص أو تسريب وريدي ، و قد نقوم بها قبل أو بعد الجراحة .
▪️المعالجة الهرمونية : بعض السرطانات تنمو كإستجابة لبعض الهرمونات , لذا قد نستخدم أدوية توقف تأثيرها و تثبط الخلايا السرطانية .
ختاماً علينا أن نُذكر بأن الوقاية بمراقبة عوامل الخطر و تجنبها ليست كافية ، و أن الفحص الذاتي و المراقبة الدورية هما طوق النجاة و الحياة لكل سيدة .. فهي معادلة بسيطة : تخصيص ربع ساعة شهرياً لفحص نفسك ، يمنحك سنوات و سنوات إضافية مع من تُحبين .
© Powered By SyrianMonster Web Service Provider - all rights reserved 2024